الفن ...
المسرح ... فن المسرح
سؤالان يعترضان الباحث
في فن المسرح ومقارباته وهما:
أول
سؤال: ما هو الفن؟ ولتعدد تعريفاته أصبح مفهومه عائم، لدرجة أن البعض قرن الفن
بالإبداع، وبالتالي سأقتصر على هذا التعريف الذي أجده أقرب للمفهوم، وأترك لأهل
التخصص اللغوي والسيميائي المكان فهذا فنهم وهم أدرى به:
يعرف
الفن والجمع فنون، بالمهارة التي يحكمها الذوق والمواهب ك:
- الفنون
الجميلة وهي: كُلُّ الإِبْدَاعَاتِ الْفَنِّيَّةِ الَّتِي تَرْتَقِي إِلَى
الْكَمَالِ وَالْجَمَالِ، وَتَسْمُو بِالْخَيَالِ إِلَى الْخَلْقِ وَالإِبْدَاعِ
كَالشِّعْرِ وَالْمُوسِيقَى وَالرَّسْمِ وَالنَّحْتِ وَالزُّخْرُفِ وَالْبِنَاءِ
وَالرَّقْصِ.
- الْفُنُونُ
الأَدَبِيَّةُ: أَجْنَاسُ الأَدَبِ : الشِّعْرُ وَالْمَسْرَحُ وَالْقِصَّةُ
وَالرِّوَايَةُ.
وبطبيعة لكل جنس فنه،
مثل فن النحت، وفن الرسم، ......
المصدر: https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/
ثاني سؤال: ما هو المسرح؟
هناك تعريفات متعددة لمفهوم
المسرح، والعوبة تكمن أنه لا يمكن إعطاء تعريف مدقق للمسرح بدون الرجوع إلى تاريخ
نشأته، والبيئة المحيطة به، ......... وهذا موضوع سأرجع إليه في وقته إن شاء الله.
vالمسرح
فن يتحدى خواء الفضاء، وظلام المكان، وصمت المتلقي، بالكلمة الرنانة، والحركة
المتناسقة، وتأثيث الفضاء بالمناظر، وخرق الصمت بصراخ الممثل ونغمات الموسيقى التي
تعبر تارة عن فرحه وتارة عن حزنه وتارة عن ضعفه وذلك حسب الموقف والصراع، فتتدفق
الحياة فوق الخشبة بالأضواء المركزة فيحصل ذلك التلاقي بين المتلقي والمشخص/الممثل
في زمن محدد ومكان محدد وشريكين في حدث موحد تدور أحداثه فوق الركح حيث تنساب
الأجساد وسط غبار الخشبة الذي يزيد الحدث الدرامي زخما. فن المسرح، أعتبره فن حي
لأنه بدون ممثل لا يمكن أن يكون البتة، يمكننا الاستغناء عن البناية، والمؤثرات
المصاحبة، وممكن الاستغناء عن النص بمفهوم الكتابة الأكاديمية، ولا يمكن قطعا
الاستغناء عن الإنسان الحي الذي يعيد تركيب حياة لشخصية أخرى كما سبق وقلت في زمن
محدد ومكان محدد.
فالمسرح فن حي يتطور بتطور الإنسان
ولا يمكن بأي وجه كان الفصل بينهما، انه تواصل سحري يأخذ منه الناس أو يمنحونه
شيئاً يغير حياتهم.
كلمة قيلت ونسبت إلى بريشت (Brecht) "اعطوني مسرحا، أعطيكم شعبا"،
لأنه يعكس الآلام الوجودية للجنس البشري، ويكشف غموض الوضع الإنساني، وبه يصل إلى
أجوبة عن سؤال معنى حياته ووجوده وما عليه فعله، لدى الفن يبقى فنا جامدا إذا لم
يتغير بتغير المجتمع، وإذا لم يساير تغيرات المجتمع، فيصبح فنا غثا يكرس كل ما يحط
من إنسانية الإنسان: الكرامة، الرجولة، الحرية، العدالة، تشويه الهوية والمعتقد،
.............
نشأ المسرح عن الصراع بين الخير
والشر، ورغم ما جاء به الباحثون في تاريخ ونشأة هذا الفن وجهدهم مشكور، إلا أنني
وانطلاقا مما أنا مقتنع به أحيل النشأة الأولى والله أعلم إلى تلك الصورة البليغة
التي وردت في سورة المائدة من آية 27 إلى الآية 31: (۞
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا
فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ
لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ
يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ
أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ
مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)) فَبَعَثَ
اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ
أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ
فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) ).
إنها أبلغ صورة لصراع الخير والشر بين البشر، والموضوع يخص البشر وفوق الأرض، إنه
صراع أفقي، وليس كما جاء به اليونانيون ومن تبعهم بأن الصراع هو صراع عمودي أي بين
البشر والآلهة. وبهذا القتل سن قابيل الظلم فوق الأرض، وسن الصراع الأبدي بين
الخير والشر.